28
مايو
2025
قصة يوسف العراق ومحنة العطاء!!
نشر منذ 2 يوم - عدد المشاهدات : 1824



تيمور الشرهاني


الزمن يُعيد نفسه، عندما كان النبي يوسف (عليه السلام) عزيز مصر وحاكمها العادل، ضربت المجاعة أرض كنعان وما حولها، فامتدت الأيادي الفقيرة تستغيث بأرض النيل. لم يتردد يوسف في فتح مخازن القمح وإرسال الخير شرقاً وغرباً، حتى وصل عطاؤه إلى من ظلمه يوماً. لم يكن يوسف ينظر إلى قومه فقط، بل إلى الإنسانية جمعاء، ولم يسأل أحد: "لماذا نساعد الآخرين ولدينا همومنا؟" بل أدرك أن البركة في العطاء، وأن النجاة لا تأتي لمن يقفل بابه في وجه المستغيث.

واليوم، وبعد آلاف السنين، يجد العراق نفسه أمام مشهد شبيه تماماً بقصة يوسف. أعلن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، عن تخصيص أربعين مليون دولار لمساعدة أهل غزة ولبنان في محنتهم، موزعة بينهما بالتساوي. تماماً كما فعل يوسف، حين لم يحتكر الخير لقومه فقط، بل وزعه على الجيران والأقربين.

ولو قارنا المبلغ الذي تم التبرع به من قبل الحكومة في سوق كربلاء المقدسة، حيث ترتفع أسعار الأراضي وتضيق الأحلام، وقف البعض متسائلين: أليس هذا المال أولى بأهل العراق؟ الأرقام تقول إن الأربعين مليون دولار بالكاد تكفي لشراء قطعة أرض صغيرة في حي الحسين وسط كربلاء المقدسة، أو لتسيير بضع مئات من الشاحنات بالماء العذب إلى العطاشى في غزة ولبنان وهذا لا يساوي شيئاً قياساً بحجم دولة مثل العراق.

وكما اختلف إخوة يوسف يوماً حول مصيره، اختلف العراقيون حول أولوية العطاء. فالبعض رأى في المساعدة واجباً تفرضه الأخوة العربية والإسلامية، وتكافل الشعوب في أوقات الشدة، بينما خشي آخرون أن يُهمل العراق جراحه المفتوحة، وهو لا يزال يتلقى المنح من الدول الكبرى لبناء مدارسه ومستقبله.

ومع تصاعد الأصوات في الإعلام، كان هناك من يذكّر: إن العطاء لا يُقاس بالأرقام وحدها، بل بروح الأمة وتضامنها. وكما كان يوسف حكيماً في إدارة الأزمات، يحتاج العراق اليوم إلى حكمة توازن بين حاجاته الداخلية ونداءات الجوار، بعيداً عن خطابات الشحن والاتهام، حتى لا يسقط في فخ "خوّة يوسف" التي فرّقت الأحبة.

وهكذا، تظل قصة يوسف حية في كل زمان، تذكّرنا أن الكرامة في العطاء، وأن الخير حين يُبذل يعود مضاعفاً، وأن الأوطان الكبيرة هي التي تفتح أبوابها للجميع، ولا تغلقها في وجه المستغيثين.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار