10
مارس
2023
جور السلاطين و فخاخ رجال الدين
نشر منذ Mar 10 23 am31 11:19 AM - عدد المشاهدات : 561



تيمور الشرهاني

ما حصل ويحصل في العراق منذ ما يقارب العقدين من الزمن مثالًا واضحاً عن سوء إدارة هذا الحكم المليء بالقتل والدماء والتهجير وتقديم مايقارب المليون عراقي ذهبوا ضحية فتاوى وتكفير تلك الملل المتناحرة فضلًا عن نهب وسرقة ثروات البلاد، لقد وصل بلدنا جراء فترة حكم الإسلاميين الى مراحل متدنية في كافة المجالات، العلمية، والثقافية، والإجتماعية حتى إنه وصل الحال أن تصنف العاصمة بغداد كأسوأ عاصمة صالحة للعيش في العالم، وكذلك خروج العراق من التصنيف العالمي في مستوى التعليم وأن يحل جواز السفر العراقي بالمرتبة الأخيرة بحسب مؤشر هينلي لجوازات السفر.

إن ما يجعل الطغاة يستبدون ويتمادون في غيهم وطغيانهم هي الشعوب نفسها، فمحاباة الظالم والتطبيل له تجعله في منزلة الإله الذي لا يقهر ولايموت، وتوقد فيه جذوة الظلم واهانة الشعوب وتركيعها، ولنا من قصص هؤلاء أمثلة كثيرة.

لفت ناظري احدى المنظمات المحلية قامت بتكريم مسؤولاً محلياً نظير بعض الخدمات التي قدمها في منصبه، وتساءلت كثيراً لماذا قاموا بتكريم شخص مقابل عمل مكلف به ويتقاضى راتباً مجزياً لقاء خدماته؟

فهل يستحق التكريم حقاً؟

هذا المثال هو مثال بسيط للتملق والربت على اكتاف المسؤولين الذين لا يستحقون كل هذا الثناء، فلماذا لا يتم تكريم عامل البلدية البسيط؟

الذي يتعب ويشقى مقابل مرتب بسيط لايسد رمق عيشه؟

مع انه وذلك المسؤول يؤدون نفس العمل والمهمة وكل حسب موقعه وهي خدمة المواطن.

 

فهذه ثقافة كرستها الانظمة الدكتاتورية وعملت على ترويضها على الشعوب المقهورة ولا تزال تلك الفئة من الشعوب تجتر من علف العبودية حتى التخمة، وقد وصل الحال الى البعض ان يدافع عن الطغاة بدون ان يطلبوا منهم، فتجد مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بصور الحكام والمسؤولين ورجال الدين الذين لم يقدموا شيئًا يذكر لشعبهم سوى القتل والفقر والدمار.

لا يزال الفرد غيرقادر أن يخرج من قوقعة الحاكم الظالم ورجل الدين، فهؤلاء الاثنان لطالموا تحالفوا معاً منذ مئات السنين على شعبهم، فتصدر الفتاوى تحت سياط السلاطين بما يتناسب مع إرادة وتوجهات الحاكم المستبد، فقد وظف الطغاة فتاوى رجال الدين لصالحهم لأنهم يعلمون مدى تأثير الدين على الشعب، فأصبحت الفتاوى المزيفة والسنن المحدثة بحراً أغرق الشعب بالجهل والظلام.

إن الحكام الطغاة يعلمون بظلمهم وقمعهم لشعبهم فسيلجأ الشعب إلى الدين باعتباره هو الملجأ الوحيد القادر على تخليصهم من الظلم والطغيان، لذلك قاموا بتقريب رجال الدين منهم وعملوا على اشباعهم واعطائهم الامتيازات لكي يصبحوا أداة بيدهم، فيصدروا الفتاوى التي تتناسب واهواء الحكام ولا تخرج عن طواعيتهم، فأصبح الشعب إذا اراد الهرب من جور السلاطين، وقعت في فخاخ رجال الدين المستفيدين من السلاطين.

أصبح الدين وسيلة يستخدمها الحاكم لتحريك أو قمع شعبه ضد أي خطر يحدق بهم، فإذا اراد الشعب الحرية خرج رجال الدين قبل الحكام يحذروا من مخاطر الحرية والخروج على ولي الأمر، وكأنما الحرية هي سلاح نووي وليست حق من حقوق الإنسان، فهذه الفتاوى الجاهزة وتفسير الآيات بحسب الأهواء أخطر من رصاص الحكام، كونها تقتل عزيمة الشعب وتطلعاته نحو الحرية.

هذه الوسائل التي يستخدمها الطغاة لتثبيت حكمهم وسلطتهم نجحوا بها كثيرا على مدى عقود، غير إنها لم تعد مجدية لدى كثير من الشعوب التي أصبحت واعية بما فيه الكفاية وأن تفسر معنى الدين الذي ابعد مايكون اداة بيد الحاكم، لذلك تجد الأنظمة الدكتاتورية تحاول تحديث نفسها وايجاد طرق اكثر نفعاً من خلال تحديث الفتاوى وطرحها باسلوب عصري يدغدغ مشاعر الشعوب.



صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
استطلاع رأى

هل تتوقع أن تساهم التظاهرات بتحسين مستوى الخدمات

14 صوت - 67 %

0 صوت - 0 %

عدد الأصوات : 21

أخبار